نظرة شرعية ,,


البيع لغة :
 البيع في اللغة مطلق المبادلة، أصل النشاط المعاشي للإنسان القديم المبادلة، ومعنى البيع في اللغة مطلق المبادلة، الحقيقة الإنسان عندما يشتري حاجة لو لم يرَ أن هذه الحاجة أثمن من ثمنها لما اشتراها، وأن البائع لو لم يرَ أن هذا الثمن أثمن منها لما باعها، حينما تشتري سلعة تتوهم أو تعلم أنها أثمن من ثمنها، وحينما تبيع حاجةً تتوهم أو تعلم أن ثمن هذا الشيء الذي تبيعه أثمن منه، من هنا يتم البيع والشراء.
 مرة قرأت كتاباً مترجماً عنوانه: "فن البيع"، أما مؤلف هذا الكتاب فتوسع في تعريف البيع توسعاً لا يصدق، المحامي يبيع ويشتري، يبيع خبرته ويأخذ ثمنها، كل إنسان إذا وسعت مفهوم البيع يأخذ ويعطي، يعطي علماً، يعطي سلعةً، يعطي قناعةً، يعطي توجيهاً ويأخذ ثمنه.
 فالبيع في اللغة: مطلق المبادلة، وقد عرفه بعض علماء اللغة فقالوا: إعطاء المثمن وأخذ الثمن، هذه مثمن أي ثمنت، وضع لها ثمن، إعطاء المثمن وأخذ الثمن، هذا تعريف الراغب الأصفهاني للبيع.
 الشراء: إعطاء الثمن وأخذ المثمن، أحياناً وقد تستغربون قال تعالى:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾
[ سورة البقرة: 207 ]
 ما معنى يشري؟ أي يبيع، في اللغة العربية يبيع بمعنى يشتري ويبيع، ويشتري بمعنى يبيع ويشتري، فهذان الفعلان يتناوبان بالمعنيين التاليين، يسمى البيع شراءً ويسمى الشراء بيعاً فتقول: باعه الشيء وباع منه أي اشترى منه، يشري نفسه أي يبيع نفسه.

التعريف الشرعي للبيع :
 أما التعريف الشرعي فنحن عندنا في المصطلحات مصطلح لغوي ومصطلح شرعي، الصلاة مصطلح شرعي، أن تتوضأ وتتجه نحو القبلة وأن تكبر وأن تقرأ دعاء الثناء والفاتحة وسورة وتركع وتسجد، أما الصلاة بمعناها اللغوي فاتصال، فنحن حينما نتحدث بالفقه نعول على المعنى الشرعي لا المعنى اللغوي، الحج القصد هذا المعنى اللغوي أما الشرعي فأن تقصد بيت الله الحرام في وقت معلوم وفي مكان معلوم، الصيام بالمعنى اللغوي إمساك، مطلق الإمساك، أما الصيام بالمعنى الشرعي فالإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غياب الشمس بنية، هذا التعريف الشرعي.
 البيع مطلق المبادلة أما شرعاً فنقل الملك بعوض جائز من إنسان إلى إنسان بثمن، يجوز قبضه وحيازته والانتفاع به.
 تعريف آخر للبيع والشراء، البيع مبادلة المال بالمال على سبيل التراضي، أؤكد لكم مرةً ثانية أنني ما اخترت هذا الموضوع إلا لأنه ما منا واحد على الإطلاق إلا يبيع ويشتري.
الرضا أحد شروط صحة البيع :
 من أدق التعاريف مبادلة مالٍ بمال على سبيل التراضي، يقول لك: التاجر راضياً لأنه غافل، لأنه جاهل، لو كشفت الحقيقة هل يرضى أن تبيعه سلعة المئة بألف؟ والنبي الكريم يقول:
(( غبن المسترسل ربا، غبن المسترسل حرام ))
[ الجامع الصغير عن جابر وعلي]
 قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾
[ سورة النساء: 29 ]
 فالرضا أحد شروط صحة البيع، أما المال فهو كل ما يجوز تملّكه والانتفاع به والتصرف فيه، هل يجوز أن تتملك خنزيراً؟ لا، إذاً لا يجوز بيعه ليس مالاً، الخنزير، الخمر هذه أشياء لا تملك ولا تباع، تعريف المال: ما يجوز تملكه والانتفاع به والتصرف فيه بالبيع والهبة والصدقة وغير ذلك من وجوه التصرف شرعاً.
تبادل المنافع :
 الحقيقة التبادل ليس مقصوراً على الأموال إنما هو عام وشامل، هناك تبادل المنافع إلا أن تبادل المنافع لا يسمى بيعاً، أحياناً تخدمه ويخدمك، تعلمه رياضيات يعلمك لغة عربية مثلاً، أي تعاونه بقضية ويعاونك بقضية، تبادل المنافع ليس بيعاً، البيع محصور فيما كان قائماً على أخذ شيء له ثمن على سبيل التراضي بين المعطي والآخذ، شرحت له مسألة رياضيات هذه منفعة، طبعاً لها أجرة لكن ليست بيعاً وهي اسمها جُعالة، التدريس والطبابة والمحاماة، أجر المدرس والطبيب والمحامي ليس بيعاً، ليس مبادلة مال بمال، ليس هناك عوض، هناك بذل جهد، هناك بذل عناية، الطبيب يستحق أجره ولو لم يشف المريض، المدرس يستحق أجره ولو لم ينجح الطالب، والمحامي يستحق أجره ولو لم تنجح القضية، إلا أن المحامي الذي يوقن أن هذه القضية لا تنجح، وأن اجتهاد محكمة النقد مناقض لأساسها، هذا المحامي لا يجوز أن يأخذ هذه الدعوى أصلاً، ولا يطمع الموكل أنها ستنجح، والمدرس الذي يوقن أن هذا الطالب سوف لا ينجح لا ينبغي أن يطمئنه تطميناً كاذباً، وكذلك الطبيب، أحياناً يكون المرض خبيثاً بالدرجة الخامسة ولا يوجد أمل بالشفاء، يقول إنسان: أفتح البطن وأنزع كتلة وأخيط فآخذ خمسين ألف ليرة، أحسن من بلاء، هذا لا يجوز الطبيب أجره جعالة وكذلك المحامي والمدرس، إلا أنه لابد من الأمل يكون هناك أمل بالمئة خمسين، بالمئة تسعين أما ما بلغت لا يوجد أمل إطلاقاً لماذا أخذت مال هذا المريض؟
مشروعية البيع في ديننا :
 طبعاً البيع والشراء يجب أن تعلموا علم اليقين أن هذا الشرع العظيم كل نشاطات الإنسان مغطاة بأحكام شرعية، الأحكام الشرعية تبدأ بالفرض، ثم بالمندوب، ثم بالواجب، بالمستحب، بالمباح، بالمكروه تنزيهاً، بالمكروه تحريماً، بالحرام، هذه الأحكام الخمس من الفرضية إلى التحريم مروراً بالواجب والندب والإباحة والكراهة، كذلك البيع والشراء تتناوله الأحكام الخمس يوجد بيع محرم، محرم أن تبيع لحم الخنزير، أدوات اللهو، محرم أن تبيع الخمر، ويوجد بيع فرض، ينبغي أن تبيع المواد الغذائية الأساسية عند الحاجة إليها دون أن تمتنع عن بيعها.
 أيها الأخوة: الدليل القرآني على أن البيع مشروع في ديننا العظيم قوله تعالى:
﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
[ سورة البقرة: 275 ]
 هذا أكبر دليل، والدليل الثاني:
﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ﴾
[ سورة البقرة: 282 ]
 طبعاً يوجد عندنا بيع الثمين وبيع الخسيس، كأس عرق سوس لا تحتاج إلى شهود تدفع ثمنها وتشرب لا يوجد بعتك وبعتني أشهد، المناولة فقط للأشياء الخسيسة هي بيع وشراء، أما الأشياء الثمينة بيت، مركبة، أرض، فأشهدوا إذا تبايعتم، هذا دليل آخر، والدليل الثالث، قال تعالى:
﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ﴾
[ سورة البقرة: 282 ]
الغش والتدليس أكل للمال بالباطل :
 الإله العظيم سمى مال أخيك مالك من زاوية واحدة، من زاوية الضرورة، العناية به والحفظ له، يجب أن تحفظ مال أخيك وكأنه مالك، أحياناً إنسان يشتري قماشاً وهذا القماش محمي أي أخذ حرارة زائدة فضعفت مقاومته، تمسك القماش بضغط بسيط يتمزق، ممكن أن تخيطه قمصاناً وتبيعه لا يأتي في بال الشاري لكن دفع خمسمئة ليرة، وفرح به على العيد وهو يلبسه صار قطعتين، أنت ماذا فعلت؟ أنت أكلت ماله بالباطل، يجب أن يلبس قميص بخمسمئة ليرة يعيش خمس سنوات، غسيل ولبس وكوي، من أول لبس تمزع، القماش مضروب، هناك إنسان باع طقم كنبات أول يوم صار في الأرض، ركض الشاري للبائع فقال له: الظاهر أنكم جلستم عليه.
 فلذلك أن تبيع حاجةً سيئةً فيها غش هذا أكل المال بالباطل، كل أنواع الغش والتدليس والاحتيال تعد أكلاً للمال بالباطل، لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، كلمة بينكم تفيد أن الوضع الاجتماعي السليم أن تكون الكتلة النقدية بين أيدي الناس جميعاً، هذه رحمة الله عز وجل، الناس كلها تملك ثمن طعام وشراب ولباس وبيوت ومركبات، أما عرس بستين مليوناً وألف شاب لا يملكون غرفة يتزوجون بها فهذه مشكلة، معنى هذا الكتلة النقدية ليست متداولة بين أيدي الناس، لا تأكلوا أموالكم التي ينبغي أن تكون بينكم متداولةً، لئلا يكون دولة بين الأغنياء منكم.
أركان البيع والشراء :
1 ـ التراضي 
2 ـ الإيجاب والقبول 
3 ـ الإيجاب والقبول في مجلس واحد 
4 ـ توافق الإيجاب مع القبول حتى ينعقد البيع
5 ـ أن يكون الإيجاب بلفظ الماضي
6 ـ أن يصدر البيع عن إنسان عاقل مختار 
7 ـ الإسلام ليس من شرط البيع والشراء
8 ـ أن يكون مملوكاً للبائع
9 ـ أن يكون مباحاً تملكه




ليست هناك تعليقات: